جرائم النشر عبر تويتر في العصر الرقمي، أصبحت من الأمور الهامة؛ كون وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة منصات مثل “إكس” (تويتر سابقًا)، أداةً قويةً للتعبير عن الآراء، ونشر المعلومات، وتحفيز النقاشات العامة. ومع هذا التوسع الهائل في استخدام التغريدات، برزت مخاوف قانونية جسيمة حول المسؤولية الجزائية المترتبة على ما يُنشر عبر هذه المنصات. في المملكة العربية السعودية، حيث تم تطوير إطار قانوني شامل لضبط المحتوى الرقمي، باتت التغريدات تخضع لرقابة قضائية صارمة، وقد تُعرض صاحبها لعقوبات جنائية جسيمة، لذلك أصبحت جرائم النشر عبر تويتر من القضايا الواردة في هذا العصر.
هذا المقال يستعرض بالتفصيل العلاقة بين التغريدات والمسؤولية الجزائية وفق النظام السعودي، مع تسليط الضوء على القوانين الناظمة، والضوابط الشرعية والقانونية، وأبرز الأحكام القضائية، بالإضافة إلى نصائح قانونية للحد من المخاطر.
تواصل الآن مع شركة محاماة متخصصة في القضايا الجزائية، واحصل على استشارة قانونية
Table of Contents
أولًا: ما هي التغريدات من الناحية القانونية؟
في السياق القانوني السعودي، لا تُعتبر التغريدات مجرد تعبير عابر، بل تُعد محتوى رقميًا منشورًا علنًا، يخضع لأحكام القوانين الناظمة للإعلام الإلكتروني والجرائم المعلوماتية.
تعريف التغريدة قانونيًا
- التغريدة هي رسالة نصية قصيرة (بحد أقصى 280 حرفًا) تُنشر على منصة “إكس”، وتُعتبر من أفعال النشر العام.
- وفقًا لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، فإن أي محتوى رقمي يُنشر عبر الإنترنت، بما في ذلك التغريدات، يُعد من قبيل “النشر الإلكتروني”.
ثانيًا: نظام الجرائم المعلوماتية السعودي وعلاقته بالتغريدات
يُعد نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية الركيزة القانونية الأساسية التي تُنظم العلاقة بين التغريدات والمسؤولية الجزائية في السعودية.
أهم المواد التي تُطبّق على التغريدات:
المادة 6 | نشر معلومات كاذبة تُسبب الفوضى أو تُثير الفتنة | السجن حتى 5 سنوات، وغرامة تصل إلى 3 ملايين ريال |
المادة 7 | الإساءة للذات الإلهية أو المقدسات | السجن حتى 5 سنوات |
المادة 8 | الإساءة للنظام العام أو القيم الدينية | السجن حتى 3 سنوات |
المادة 9 | التشهير أو القذف عبر وسائل التقنية | السجن حتى 3 سنوات، وغرامة تصل إلى مليون ريال |
المادة 10 | التحريض على الجريمة أو الإرهاب | السجن حتى 10 سنوات |
ملاحظة: تُطبّق هذه المواد بشكل صارم على التغريدات التي تُعتبر مسيئة، كاذبة، أو مُحرضة.
ثالثًا: أحكام قضائية سعودية تُظهر تطبيق المسؤولية الجزائية على التغريدات
أصدرت المحاكم الجزائية في المملكة العربية السعودية أحكامًا عديدة ضد أشخاص تمّت إدانتهم بنشر تغريدات مخالفة للنظام العام.
أمثلة واقعية:
- قضية محمد آل جابر (2021): حُكم عليه بالسجن 3 سنوات وغرامة مالية كبيرة لنشر تغريدات “تُشكك في سياسات الدولة”.
- قضية فتاة التغريدات (2022): تمّت إدانتها بالتشهير عبر تغريدات ضد مسؤول حكومي، وحُكم عليها بالسجن سنتين.
- قضية التحريض على الكراهية (2023): تمّت محاكمة مواطن لنشر تغريدات طائفية، وحُكم عليه بالسجن لسنوات.
هذه الأحكام تُظهر أن السلطات القضائية السعودية لا تميز بين حجم التغريدة وتأثيرها، بل تُركز على المضمون والنية.
رابعًا: العلاقة بين حرية التعبير والمسؤولية الجزائية
رغم أن النظام السعودي يضمن حق التعبير ضمن الضوابط الشرعية والنظامية، إلا أن حرية التعبير ليست مطلقة.
الضوابط الشرعية والقانونية:
- يجب أن لا تُخالف التغريدة القيم الإسلامية.
- لا يجوز أن تُشكّل تهديدًا للأمن الوطني.
- لا يجوز أن تُحرّض على الكراهية أو التمييز.
- لا يجوز أن تُنشر معلومات كاذبة تُسبب الذعر.
كما نصّ نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية على أن “يُحظر استخدام الشبكة المعلوماتية بما يُخل بالنظام العام أو القيم الدينية أو الآداب العامة”.
خامسًا: كيف تتجنب الوقوع في المسؤولية الجزائية عند التغريد؟
لضمان السلامة القانونية، ينبغي على مستخدمي وسائل التواصل اتباع إجراءات وقائية:
نصائح قانونية للحد من المخاطر:
- تحقق من مصدر المعلومات قبل إعادة التغريد.
- تجنب التغريدات الطائفية أو العنصرية.
- امتنع عن نشر أي محتوى يُسيء للقيادة أو المؤسسات الرسمية.
- لا تستخدم لغة تشهيرية أو قذفية ضد الأفراد.
- احفظ خصوصيتك، ولا تُفشي معلومات سرية.
تذكير قانوني: حتى التغريدات “الساخرة” أو “الهجائية” قد تُؤخذ على محمل الجد إذا تمّ تفسيرها على أنها تشهير أو تحريض.
سادسًا: دور هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات (SDAIA) والنيابة العامة
تلعب النيابة العامة والهيئة الوطنية للأمن السيبراني دورًا رقابيًا فعّالًا في تتبع المحتوى المخالف.
الإجراءات المتبعة:
- رصد التغريدات عبر أنظمة ذكاء اصطناعي.
- تلقي بلاغات من المواطنين عبر منصة “بلاغ تجاوز”.
- تحويل المخالفين إلى القضاء بعد جمع الأدلة الرقمية.
معلومة مهمة: النيابة العامة أعلنت في 2023 أنها تلقّت أكثر من 40 ألف بلاغ إلكتروني، نتج عنها مئات الملاحقات الجزائية.
خاتمة: التوازن بين التعبير الرقمي والمسؤولية القانونية
في النهاية، تُعد التغريدات أداة قوية للتواصل، لكنها تحمل معها مسؤولية قانونية كبيرة في المملكة العربية السعودية. النظام السعودي يُعزز من الأمن الرقمي ويحمي القيم المجتمعية من خلال تطبيق صارم لقوانين الجرائم المعلوماتية.
تذكير أخير: ما تنشره اليوم في تغريدة قد يُحاكم عليه غدًا. لذا، فكر قبل أن تغرّد.